الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
تفاسير سور من القرآن
67249 مشاهدة
ضرورة الاهتمام بالحرف الصناعية

...............................................................................


وهذا يدل على أن الحرف الصناعية ينبغي للمجتمع الاهتمام بها؛ ولذا كان أول نجار في الأرض نوح وأول معلم في النجارة جبريل .
وأول حداد في الأرض هو داود عليه السلام، كما قال الله له: وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ والله يعلمه أصول الحدادة كقوله: وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ ؛ وأن قوله: وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ من أعظم تعاليم أصول الحدادة؛ لأن معنى وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ السرد في لغة العرب نسج الدرع، تسميه العرب سردا وزردا، وتسمي ناسج الدروع سرادا وزرادا، والدرع مسرودة كما هو معروف، ومنه قول أبي ذؤيب
وعليهما مسرودتـان قضاهمـــا
داود أو صنع السوابــغ تبــــع
وقول الآخر:
نقريهم لهذميـات نقــد بهــا
ما كان خطــا عليهـم كــل زراد
فمعنى وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ ؛ أي اجعل المسامير والحلق في نسج الدروع في أقدار متناسبة متلائمة؛ لأن المسمار إن كان أكبر من الحلقة جدا كسرها، وإذا كان أصغر منها جدا لم يشدها كما ينبغي. فإذا كانت المسامير والحلق بأقدار متناسبة كانت الدروع مشدودة كما ينبغي، ترد وقع السلاح من السيوف والسهام.
فهذا مما يدل على أن الحرف الصناعية لا ينبغي التكاسل فيها، ولا عدم تعاطيها؛ لأن أول من تعاطاها الرسل الكرام صلوات الله وسلامه عليهم، وكانت آثارها الكريمة ظاهرة في المجتمع؛ لأن الموجودين في الدنيا كانوا موجودين بفضل الله، ثم بسبب تلك الصناعات التي هي النجارة.
لأن من لم يكن في تلك السفينة المصنوعة عن طريق حرفة النجارة كلهم هلكوا وماتوا من ذلك الطوفان؛ كما قال تعالى: فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ؛ أي الكفار الذين كذبوا نوحا أغرقناهم جميعا بذلك الطوفان؛ كما قال تعالى: فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ .
ولذا قال: فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ .